أنين خلف جدران أرواح مكابره
بقلم: ظل مجهول
الفصل الأول
(أ)
أ طل سلطان إلى الخارج من خلال نافذة الغرفة الصغيرة
وعينيه المكسوتان بالرموش تتأمل البيوت القديمة المجاورة لهم ..بصمت
كان يتأمل ماحوله.. كل شيء يتاشبه حتى .. حتى افكارة اصبحت متشابهه ..متكررة عقيمة .!
تأمل المنزل اللي يبعد عنهم فقط بضع كيلو مترات .. بدا مهترئاَ لايمسع الا صوت الأفلام الهندية من خلاله ..
والذي بجانبه غالباَ يسمع صراخ امرأة .. هذه الأيام لايسمع صوتها ..
يبدو انها استسلمت وتركت له البيت .. الأستسلام.. هل يكون احيانا طريق للراحة ..
فجأة مرت ذكرى مؤلمة في فكرة .. ورمش بعينيه بسرعة لكي ينساها وبدأ بالتفكيرفي شيء آخر ..
محاولا نسيان ماطرأ على فكره ..
منذو صغرهم وهم قاطنين في هذا الحي القديم
الذي يبدو حي للكلاب اكثر منه للأنسان ..
ليس هذا مايضايقه .. أحقا هذا لايضايقه ..
قد يكون ليس السبب الأول..
بالطبع تلك الذكرى من الماضي أيضاَ تضايقه قليلا !
ماهذا اكذب حتى على نفسي تلك الذكرى .. أنها تضايقني كثيراَ ..
أكثر من أنني أحيانا لاأجد قوت يومي ..
أبستم سلطان وهو يدير وجهه ليرى خالد يدخل من باب الشقة الصغير..
فرؤية شخص من أحد اخوته الثلاثة يعطيه شعورا بالراحة
فكل مايكرهه هو شعور الوحدة الذي اصبح في
الأونة الأخيرة يشعر به..
جلس على أحد الكراسي القديمة التي تقع امام التفاز
وهو يأخذ نفساَ عميقاَ قائلاَ
سلطان : أرحب خلوود وينك من الصبح ماشفتك
جلس خالد بجانبه وهو يفتح ازارير قميصة الأسود قائلاَ
خالد : تعرف اليوم خميس ومكة بالويك اند يكثر به
الزوار ويالله اكسب لي كم قرش
قال سلطان وهو ينهض ..
سلطان : احضر لك شيء تاكله
أبتسم خالد وهو يستلقي بتعب..
خالد : فديتك والله جوعان وش فيه شيء يوكل .!
دخل سلطان المطبخ الصغير المطل على الصالة وقال وهو يفتح الثلاجة المتوسطة الحجم ..
سلطان : بيت مابه ألا أربع شباب وش تبي يصير فيه
وضحك ضحكة صغيرة بدت كئيبة اكثر من أنها مفرحة
نهض سلطان متوجها الى الغرفة الجانبية وهو يقول
خالد : حبيبي بدخل أخذ لي حمام وأجي أساعدك
قال سلطان وهو يضع الماء الحار في أحد الأباريق
سلطان : بسوي لك بيض وفول ..
انتبه لأخيه عدنان يدخل من باب البيت هو الآخر وهو يضحك قائلاَ
عدنان : هههههههه سلطان انت وحبك للفول كنك مصري
سلطان : هلا عدنان وينك انت بعد فقدتك اليوم..
عدنان : اليوم خميس
وضحك وهو يكمل كلامه مغلقاَ أحد عينيه
عدنان : تعرف هاليومين تكثر مواعيدي
ادار رأسة سلطان وهو يأخذ نفساَ لئلى يغضب
فعدنان ومواعيده مع الفتيات لاتعجبة .. والذي لايعجبة اكثر هو صراحته الا متناهيه
قال عدنان وهو يقترب من أخيه ويحرك بأصبعه .. فم سلطان الصغير
عدنان : اخوي الصغير غضبان وش هالتكشيرة الشينه دحين بازعل عليك
قال سلطان وهو يبعد يد أخيه ..
سلطان : أولاَ كل اللي بيننا سنتين والله اني اكبر عقل منك
ثانياَ لاتقول دحين .. تعرف ابوي مايحب نترك لغتنا النجدية
انتبه سلطان لعدنان وهو يتوجهه للغرفة وهو يقول
عدنان : ابوي الله يرحمة ماهو جايب خبر لالهجتنا ولا عيشتنا .. خلها على الله
أخذ نفساَ طويلاَ سلطان وهو يقلب في صحن البيض
ويفكر في أبيه وأمه ..
كلهم قد ذهبوا الى رحمة الله وبقوا هم الأربعة فقط يواجهون هذه الحياة
ذهب وترك عليهم عدة ديون صغيرة ..
ولكن بالنسبة لهم كبيرة .. حالتهم جدا سيئة
وجميعهم يسعون فقط ليجدوا اكل يومهم .. ولتسديد ديون ابيهم ..
وضع البيض في أحد الصحون القديمة الطراز
واغلق النار عن قدر الفول الذي بدا باظهار الفقاعات
وضع الفول في عدة صحون ووضع باقي المؤكلات
الثانوية من جبن ومربى ومالى ذلك في صحن كبير
توجهه الى الصالة ووضع الصحن على الأرض وبدأ بمنادة اخوته الثلاثة
سلطان : خالد عدنان زياد تعالوا يالله
سمع صوت عدنان وهو يرد عليه بجملة
عدنان : طيب يما جينا
ابتسم لتلك الكلمة فهو حقا يشعر انه المسؤل عنهم
اي نعم هو يصغر خالد بثلاث سنين وعدنان بسنتين ولكن
منذو الصغر وكل المسؤلية تصب عليه وحتى والده
كان متعلقاَ به اكثر من اخوته
بعد عدة دقائق اجتمع الاخوة حول السفرة وبدأت الأحاديث المتنوعة تأخذ مسيرها
خالد : زياد ياخي اترك هالكتاب مانتب ساقط لو خليته كم دقيقة
انتبهوا لزياد الذي يصغرهم جميعا بالسن وهو يقول غير مبالياَ لهم
زياد : موب نافعتني الا الدراسة
ورفع رأسة وهو يقول .. باتسامة باهته ..
زياد : وش تبين اصير ..
نظر الى خالد وهو يقول
زياد : سائق تاكسي .!
واكمل حديثة وهو ينظر الى سلطان
سلطان : أم مدرس خصوصي .!
واكمل وهو يبتسم ابتسامة صفراء لعدنان
عدنان : ولا أخبي بنات الناس تصرف علي واعطيهن من هالرخيص
انا بطلع ان شاءالله طبيب وبـ
انتبه لأخوته يكملون احاديثهم غير عابئين به
فقد اعتادوا منه مثل هذه الكلمات
ولما يباالوا اصلا فهو مجرد فتى لم يتعدى سن
السابعة عشر متغطرس لدرجة الجنون
خالد : ونزلته بعيد عن الحرم وانا العن
واشتم مادري وش يفكر فيه
عدنان : ههههههههه ياخي تحمل وراك انت
عصبي كذا قطعت مشوار على الفاضي
خالد : قهرني .. حتى انسدت نفسي ورجعت
على جدة قلت العن ابو من يشتغل لكم
قال سلطان بهدوء ..
سلطان : الفلوس تجي لك مو لغيرك ..
كان مسكت اعصابك ياخي ..
قال خالد وهو يضحك بصوت عالي وينظر الى عدنان قائلاَ
خالد : طيب يما ولا يهمك أبمسك أعصابي ..
عدنان : هههههههههه تدري وش المشكلة
أن سلطان متقبل كلمة يما بكل رحابة صدر
ابتسم سلطان قائلاَ ...
سلطان : وانا اجي ربع ربعه ..
خالد : ايه عدنان وش أهدتك المزيونة اليوم
اخرج عدنان من جيبة جوالاَ جديداَ واشر بحاجبية وهو يقول
عدنان : اليوم جايني طازة لقيت لكم وحدة خبلة ولا مسميتني
النجدي مالي اسبوع معها واهدتني هالجوال
يسوي الفين وشوي ..
وأخرج ضحكة صغير وخالد يتناول الجوال من يده مكملاَ كلامه
عدنان : أنا مادري وين أهلهن عنهن بس
وش علي انا اهم شيء يصرفن علي
زياد : طبعا هالجوال راح تهديه خويتك الثانية
عدنان : هالمصري فاهمني هههههههههه
سلطان : عدنان حبيبي ماتخاف الله يشوه وجهك
الحلو .. طيب لو لي شان عندك خل عنك اللعب ..
ليش ماتحاول تشغل وقت فراغك بشيء ينفعك ..
نهض عدنان وهو يضحك قائلاَ
عدنان : بدت امنا تلقي خطبته ..
أنا هالطريق عاجبن ماعندي أستعداد أكرف زيك وزي هالبخيل اللي بجنبي
قال خالد وهو يضع الخبز في فمه بقل أهتمام
خالد : لو سمحت هالبخيل لو بغيت ريـال لقيته عنده
في نفس الوقت نهض زياد وهو يردد جملة في الكتاب الذي في يده ..
زياد : ثاني اكسيد الكربون..
وتفرقوا اللأربعة وكلن بدأ بالأندماج في عالمه
خالد بدأ بالتفكير اين سيذهب غدا وكم من المال سيصرف
وعدنان بنظر الى وجهه في المرآة ليزيل شعرة قد شوهت منظر شنبه الخفيف
وسلطان منشغل بالكل ..وماذا يريدون وينسى غالباَ نفسة
وزياد .. لازال ممسكا بالكتاب ولكنه يردد هذه المرة نص شعر لمادة الأدب ..
.
.
بعد عدة أيام ..
كان عدنان جالساَ بصحبة أحد الفتيات في أحد المطاعم الفخمة
عدنان : حبيبتي والله ماتوقعتك كذا حلوة
الفتاة : تسلم والله انت والله بعد ماتوقعتك كذا ..
عدنان : يالله ياحلوة اليوم يومك وش تبين .!
قالت الفتاة بوجه محمر وضحكة تتصنع البرائة ..
الفتاة : امم بشوف المنيو .. ولا أقول أطلب لي على كيفك
ابتسم عدنان وطلب من الجرسون الذي يقف فوقهم عدة اكلات .. وبدأ بالحديث معها
فهو قد مر في هذا الموقف عدة مرات .. بل يكاد يعرف ماذا سيحدث ..
بعد الأنتهاء من الأكل ..
عدنان وهو ينادي الجرسون
عدنان : لو سمحت الفاتورة
اتى الجرسون وناولهم الفاتورة ..
وضع عدنان بطاقته الصغيرة بوسطها وانتبه للجرسون يقول له
الجرسون : لو سمحت .. لانقبل الا الكاش هنا
عدنان : صدق .. دايم ادفع لكم بطاقة ..
انتبه لأبتسامة الجرسون وهو يقول ..
الجرسون : الغينا البطاقة
سمع صوت الفتاة تقول ..
الفتاة : خلاص عدنان انا ادفع مو مشكلة
عدنان : بس ياسهى شوي بروح اسحب واجي
سهى : لا لا وش دعوة مافيها شيء
ناولت الجرسون المال وابتعد الجرسون صامتاَ
ونهضت سهى بصحبة عدنان متوجهين للخروج
وابتسامة تعلو وجه عدنان ..
ركبت سهى في سيارته الفاهره والتي كان يستأجرها باليومي
أستأذن منها عدنان لعدة دقائق متعللأ انه نسي اخذ بطاقته
في داخل المطعم..
عدنان وهو يضع يده على كتف الجرسون
عدنان : حبيب قلبي ايدك على باقي الحساب وبطاقتي ..
ابتسم الجرسون وهو يمد لعدنان بعض من المال وبطاقته الصغيرة
فهو صديق عدنان في المطعم وماقابلهم قبل فترة هي تمثيلية يفعلونها دائما..
لصديقات عدنان ..
حيث ان الحساب المذكور اكثر من الحقيقي .. والبطاقة اصلا لاتحتوي ريـالاَ واحدا
تناول عدنان فئة الخمسين والتي كانت نصيبة لهذا اليوم
وتوجهه الى السيارة ليكمل سهرته اليوميه..
.
.
في آخر الليل ..
في الغرفة الجانبية للمنزل الصغير كان عدنان قابعاَ على السرير بصورة غير مرتبه
والأفكار تدور في رأسة ..
وهو يكتب رسالة غرام في جواله ليرسلها لأحد فتياته ..
.
.
بعد عدة دقائق انتبه لدخول زياد وهو يفتح أنوار الغرفة
وبدأت اصوات خالد وسلطان بالهمهمة
خالد : زياادوه خلني انام وراي كرف بكرا
زياد : طيب لاتنفخون بس ابي مثلث .. مالقاه عندكم
سلطان : باحبيبي شايفنا ندرس .! .. قلم مانت لاقي عندنا
زياد : طيب عندي مسألة وتحتاج مثلث
قال عدنان وهو يضع المخدة على وجهه ..
عدنان : ياالمصري هو وقت حل رح نم ..
وحله بالفصل خلنا ننام
وخرج زياد وهو لايسمع الا همهمة أخوته ..
توجهه الى غرفته الصغيرة والتي يقطن فيها لوحدة لأنه غالباَ
لاينام الليل فهو يعشق الدراسة في الليل
ويعتبر الليل ملاذه ..
جلس على الأرض ورشف قليلاَ من كوب الشاهي الذي يقبع أمامه.
وقرر أن يكمل حل المسألة في الفصل .. فلا توجد مكتبه في هذا الوقت ..
وبدأ بمراجعة مااخذوه في الاسابيع الماضيية ..
فهو لن يرضى ان يكون الثاني.. الأول لن يكون الا من نصيبه ..
بعد عدة دقائق انتبه لدخول سلطان ..
ابتسم زياد فور رؤيته لأخيه.. فهو يعرف ان سلطان وقلبه الكبير
لايريد ان يحتاج شخص في البيت شيئا ولايلبي الطلب له
قال سلطان وهو يدخل يده يشعره البني المجعد وابتسامة
باهته مرسومة على الوجهه المليء بالنوم..
سلطان : زياد لقيت مثلث.!
جاوبه زياد وهو ينهض
زياد : أيه سلطان لاتحط ببالك ..
سلطان : صدق .. وين لقيته .!
زياد : لقيته بين اغراضي ..
وتقدم منه وهو يضع يده على كتفه
زياد : رح نم بكرا موعدك بالمدرسة الأهلية ان شاءالله
يقبلون أنك تتوظف عندهم لاتصيرين نسيتي يما ..
وضحك ضحكة صغيرة ..
قال سلطان وهو يتثاوب متجها الى غرفة النوم
سلطان : لامانسيت بس قلت اجي ادور معاك المثلث ..
واغلق الباب وهو يقول ..
سلطان : يالله أجل تصبح على خبر
قال زياد وهو يجلس بين كتبه
زياد : بأمان الله ..
اخذ نفسا عميقا .. وفكر قليلا بحياتهم ..
تبدو للغُرب بسيطة .. لكنها في الحقيقة شديدة التعقيد..
فهم يعتمدون على بعضهم البعض وهذا صعب قليلاَ لايوجد اب او ام
يعتمدون عليه او حتى جد او عم هم الأربعة فقط..
كل شخص من هذه العائلى اذا بطئ قليلاَ سواء في عمله او تفانيه ..
قد يتزلزل البيت .. خالد يسعى دائما لكسب المال ..
صحيح انه بخيل والريال لايخرج الا بصعوبة
ولكنه الراس المدبر للمال .. سلطان .. سلطان يسعى ان يكون
البيت بأمان يسعى لحل المشاكل .. وينظر ماذا يريد الكل
عدنان .. هو الجو اللطيف بالبيت دائما مبتسم ومتفاخر بنفسة .. ومعجب بجمال شكله ..
يعمل الكثير من الخطاء .. لكن
لوتجلس بصحبته بضع دقائق معه ستشعر ان حياته هي الصح بعينه ..
قد تكون منزلتي الأقل .. ولكني سأنفعهم فيمما بعد
فانا ساكون ناجحا وشخصا جادا .. ويكفي وجودي بينهم .. وابتسم لغروروة ..
بعد بضع دقائق انب نفسه انه ضيع بضع دقائق من التفكير
العقيم الذي لو درس في نفس الوقت بضع حروف كان قد استفاد اكثر ..
.
.
في الغد توجهه سلطان الى المدرسة الأهلية التي أخذ موعداَ معها قبل عدة
أيام ليكون مدرس لغة عربية في المرحلة المتوسطة
التي تقع في أحد أحياء جدة المتوسطة المستوى..
القى السلام سلطان على المدير وتكلم معه قليلاَ ثم بدا بالسير معه ليريه الفصول التي سيدرسها
كانت عدة فصول .. والطلاب ليسو قليلا لكن ليسو ايضاَ كثيرين ..
عرفه على المعلمين وبعد عدة ساعات كان متوجهاَ الى منزله ..
في الطريق في سيارته القديمة الطراز والتي يبدو ان الزمن قد لعب بها كثيراَ
كان يفكر فيما حصل .. الراتب فقط 1800 ريـال والحصص كثيرة ..
هل يوافق عليها .. وهل لديه الفرصة بالموافقة ام لا ..
يجب ان يذهب حتى لو كان 500 هم محتاجون للريـال كثيرا.. هذه الايام ..
تأمل مايحيط به .. المطاعم والشاليهات والبحر والأشخاص.. الكل يبدو في حال جيدة
لما هو يشعر باليأس يعرف ان المال لايهمة ..
مايدور في فكرة هو مايؤرقة .. لكن ماذا يفعل .!
لايوجد اي شيء يستطيع فعله .؟!
اخذ نقسا عميقا ورسم ابتسامة على وجهه .. يجب ان لايكون حزيناَ
ابيه دوما كان يحثه على الأبتسامة .. فهي كما يقول سر الحياة ..
توقف عند أحد المحلات الصغيرة واشترى خبزا ولبن وأكمل طريقه الى
البيت مع كل تلك الأفكار البسيطة التي تدور في رأسة ..
انتبه لرنين جواله..وجملة
"فهد يتصل بك" ..
ضغط على الزر الاخضر وبدأ بالحديث
سلطان : ارحب فهد .. اخبارك ياخلفهم
فهد : هلا بسلطان .. تمام ياقلبي انت كيفك .. وينك لي كم يوم ماشفتك
سلطان : انشغلت شوي اخبارك واخبار الربع .. ماتبون نجتمع اليوم
فهد : نجتمع وماله .. مكاننا المعتاد نستناك هناك .. جب معك عدنان وخالد
سلطان : بقولهم ان شاءالله بس اهم شيء جاسم وعبدالله وعبداللطيف يجون تراي ولهان عليهم
فهد : هم اكثر والله أحد مايشتاق لسلطان .. ننتظرك لاتتأخر
سلطان : عندي درس الساعة 6 المغرب ان شاءالله اول مايطلع مني الطالب اجيكم
فهد : خلاص يااستاذ ننتظرك
اغلق سلطان باب منزله فور أغلاقه الهاتف .. وتوجهه الى الغرفه لتبديل ملابسه..
فتح دالوبه والذي كان لايحتوي الا على عدة قمصان فاتحة اللون
وبضع بناطيل جنز .. موضوعة بشكل غير مرتب
خلع ثوبه الرسمي وعلقه في الدالوب وتناول الفوطة البيضاء ..
وضع الفوطة على خصرة بعد أن خلع ملابسة وتوجهه الى المغسلة
ليحلق شنبه ويزيل بضع شعيرات على طرف خده
بعد عدة دقائق من وقوفه امام المرآة انتبه لزياد يدخل المنزل
سلطان بابتسامة والصابون على ذقنه
سلطان :أهلن ابو عزيز .. اخبار المدرسة
جاوبه زياد وهو متوجها الى الغرفة بابتسامة باهته .. ويبدو التعب قد أهلكه
زياد : تمام تسلم عليك .. اعذرن النوم وصل حده معي ..
سلطان : كل لك شيء قبل لاتنام
ولم يسمع الا صوت باب الغرفة يغلق ..
اكمل سلطان حلاقة ذقنه وهو يدندن باغنية لفيروز
نسم علينا نسم علينا الهوا من مفرق الوادي
غسل الصابون الى على ذقنه وهو يكمل
يا هوا دخل الهوا خدني على بلادي ..
يا هوا يا هوا يللي طاير بالهوا في منتورة طاقة
فجأة انتبه ليدين ناعمتين على خصرة
وادار راسة للخلف مسرعاَ وهو يقول
سلطان : وجع عدنانوه .. وش هالحركة البايخة
قال عدنان وهو يضحك بصوت عالي
عدنان : هههههههههه ههههههههه شكلك خطير
مندمج فيروز جدة بالغناء ومانتبهت لي
سلطان : انت جاي من برا ماسمعت صوت الباب
قال عدنان وهو يتثاءب متوجها الى التلفاز
عدنان : وش يطلعن هالوقت الناس مدارس كنت نايم وقمت على صوت المزيون ...
جلس على الكنبه المتوسطة الصالة وقال
عدنان : جوعان في شيء يوكل
مسح سلطان الماء من على وجهه وقال
سلطان : حبيبي شف الثلاجة بدخل اخذ لي حمام .. اذا كنت مشتهي شيء دسم لاطلعت اسوي لك
عدنان : لا يما ماتقصرين .. باكل لي اي شيء باتعشى شين دسم .. الله يخلي لي هالبنات
انتبه عدنان لسلطان يدخل دورة المياء ويغلق الباب بقوة
وابتسم .. يعرف ان سلطان يستاء منه ومن تصرفاته .. ولكنه لم يتعود أن يكذب عليهم أو يدعي الطهاره
هو هكذا .. ويجب ان يرضو به كما هو
قلب قنوات التفاز ثم اتجه الى المطبخ الصغير ليعمل شيء ليأكله ..
انتبه للباب يرن ..
توجهه اليه وبعد ان فتح الباب رأى من خلفه فتاة تبدو في السادسة عشر من عمرها
تضع فقط طرحة تكسوها العديد من الزخارف على شعرها
ابتسم فور رؤيته لها قائلاَ
عدنان : هلا بسارة ..
ابتسمت سارة بخجل فهي لاتتحمل نظرات عدنان الحارة لها ..
سارة وهي تنازله قدرا متوسط الحجم
سارة : أمي عملت لكم رز ولحم .. ان شاء الله يعجبكم..
وابتسمت وهي تبتعد قائلة ..
سارة : مع السلامة
ابتسم عدنان وهو يراها تبتعد .. تلك النظرة في عينها يعرفها جيداَ..هي معجبة به لامحاله
ولكن تهديد سلطان له ان لايقترب منها.. هو مايجعله متردد باللعب عليها ..
فسلطان محق والدتها دائما ترسل لهم الأكل وتهتم بننظيف البيت ..
غير لائق ان اقابل الحسنة بالاسائة
اغلق الباب وفتح غطاء القدر وهو يشتم الأكل باستمتاع
عدنان : اتى في وقته ... منذو زمن لم اذق اكل بيت ..
على بعد مئتا كيلو متر او أكثر قليلاَ
كان خالد متجهاَ الى الحرم بصحبة احد الزوار النجديين
الزائر : ماشاء الله الأخ سعودي
خالد بابتسامة باهته من هذا السؤال الذي يَسئل في اليوم عدة مرات
خالد : ايه والله ..
الزائر : حلو والله يعجبني الشاب المكافح
ابتسم خالد له ولم يجاوبه
بعد عدة دقائق
الزائر : انت أصلك من الحجاز اشباهك فيها من اهل نجد
خالد : انا نجدي بس مولود هنا ..
تعرف من يسكن الحجاز يتعلق فيها
الزائر : صحيح .. اقدر اسئلك من اي عائلة انت .. مشبهك على واحد ..
ابتسم خالد فهو يعرف انه يكذب ولكنه يريد ان يعرف عائلته فقط .. من باب الفضول
خالد : معك خالد ال..
الزائر : ماشاء الله انت من عائلة .. والله العائلة معروفة بنجد .. غريبة انتم ساكنين هنا
خالد : مادري ابوي من طلعنا على الدنيا وهو ساكن بجدة ..
ماجاب خبر انه لنا اقارب بالرياض .. اكيد بس تشابه اسماء
الزائر : التاجر المعروف صالح ال.. الي توفي قبل فترة ..
يقرب لكم
خالد بضيق نفس
خالد : لاوالله اول مرة اسمع فيه ..
وفتح المسجل لكي يعلن للزائر ان يتوقف عن الأسئلة ..
.
.
نزل الزائر عند أحد الفنادق القريبة من الحرم واخذ خالد اجرته
وتوجهه الى المطار مرة اخرى لكي يحصل على راكب آخر ..
وهكذا حتى انتهى اليوم ..
.
.
في نهاية اليوم تقريباَ في الساعة الثامنه مساء
كان خالد يدخل المنزل وهو يرى ولدا يبدو في الثانية عشر يخرج من الباب ..
ابتسم له قائلاَ
خالد : اهلين عمر .. اخبارك لي مدة ماشفتك
ابتسم عمر وهو يخرج
عمر: فرصة سعيدة اني شفتك .. عذرا ابوي واقف تحت .. مع السلامة
ونزل من الدرج القديم مسرعاَ..
اغلق الباب خالد ورأى سلطان يلملم اوراقه
خالد : بقى لك احد تدرسه .؟
سلطان : لا ماعندي الا عمر اليوم .. ابشرك قبلون بمدرسة ال..
خالد : صحيح الله يبشرك بالخير .. كم راتبك
عقد حاجبيه سلطان وهو يقول
سلطان : 1800 بس ماعليش ولا اقعد بالبيت
خالد : صح .. يالله بدخل اغير وارتاح شوي واكمل مشاويري بس بجدة منيب طالع على مكة
سلطان : فهد يبي يجتمع مع الربع بالشاليهات .. ليش ماتخاوينا سئل عنك تراه
خالد : فهد وربعة ضامنين الريال موب مثلنا .. يالله اخليك..
دخل خالد الغرفة واستلقى بملابسة وهو يشعر بالتعب ..
.
.
بعد عدة أيام ..
ككان خالد متوجها الى مكة في الساعة العاشرة صباحاَ
وصوت محمد عبده يرن في السيارة ..
فجأة انتبه لرنين جواله .. ورأى الرقم غريباَ عليه
ضغط على الزر الاخضر بعد ان اغلق المسجل
خالد : نعم
المتحدث : مرحبا .. أخ خالد معي .؟
خالد : نعم معك خالد
المتحدث : مرحبا .. معك محمد محمد عبدالله ال.. الوصي على ثروة عمك صالح خالد ال..
خالد بدهشة ارتسمت على وجهه وهو يتذكر من هذا العم الذي عرف به في التو .!؟
خالد : نعم .. عمي .!؟
بقلم: ظل مجهول
الفصل الأول
(أ)
أ طل سلطان إلى الخارج من خلال نافذة الغرفة الصغيرة
وعينيه المكسوتان بالرموش تتأمل البيوت القديمة المجاورة لهم ..بصمت
كان يتأمل ماحوله.. كل شيء يتاشبه حتى .. حتى افكارة اصبحت متشابهه ..متكررة عقيمة .!
تأمل المنزل اللي يبعد عنهم فقط بضع كيلو مترات .. بدا مهترئاَ لايمسع الا صوت الأفلام الهندية من خلاله ..
والذي بجانبه غالباَ يسمع صراخ امرأة .. هذه الأيام لايسمع صوتها ..
يبدو انها استسلمت وتركت له البيت .. الأستسلام.. هل يكون احيانا طريق للراحة ..
فجأة مرت ذكرى مؤلمة في فكرة .. ورمش بعينيه بسرعة لكي ينساها وبدأ بالتفكيرفي شيء آخر ..
محاولا نسيان ماطرأ على فكره ..
منذو صغرهم وهم قاطنين في هذا الحي القديم
الذي يبدو حي للكلاب اكثر منه للأنسان ..
ليس هذا مايضايقه .. أحقا هذا لايضايقه ..
قد يكون ليس السبب الأول..
بالطبع تلك الذكرى من الماضي أيضاَ تضايقه قليلا !
ماهذا اكذب حتى على نفسي تلك الذكرى .. أنها تضايقني كثيراَ ..
أكثر من أنني أحيانا لاأجد قوت يومي ..
أبستم سلطان وهو يدير وجهه ليرى خالد يدخل من باب الشقة الصغير..
فرؤية شخص من أحد اخوته الثلاثة يعطيه شعورا بالراحة
فكل مايكرهه هو شعور الوحدة الذي اصبح في
الأونة الأخيرة يشعر به..
جلس على أحد الكراسي القديمة التي تقع امام التفاز
وهو يأخذ نفساَ عميقاَ قائلاَ
سلطان : أرحب خلوود وينك من الصبح ماشفتك
جلس خالد بجانبه وهو يفتح ازارير قميصة الأسود قائلاَ
خالد : تعرف اليوم خميس ومكة بالويك اند يكثر به
الزوار ويالله اكسب لي كم قرش
قال سلطان وهو ينهض ..
سلطان : احضر لك شيء تاكله
أبتسم خالد وهو يستلقي بتعب..
خالد : فديتك والله جوعان وش فيه شيء يوكل .!
دخل سلطان المطبخ الصغير المطل على الصالة وقال وهو يفتح الثلاجة المتوسطة الحجم ..
سلطان : بيت مابه ألا أربع شباب وش تبي يصير فيه
وضحك ضحكة صغيرة بدت كئيبة اكثر من أنها مفرحة
نهض سلطان متوجها الى الغرفة الجانبية وهو يقول
خالد : حبيبي بدخل أخذ لي حمام وأجي أساعدك
قال سلطان وهو يضع الماء الحار في أحد الأباريق
سلطان : بسوي لك بيض وفول ..
انتبه لأخيه عدنان يدخل من باب البيت هو الآخر وهو يضحك قائلاَ
عدنان : هههههههه سلطان انت وحبك للفول كنك مصري
سلطان : هلا عدنان وينك انت بعد فقدتك اليوم..
عدنان : اليوم خميس
وضحك وهو يكمل كلامه مغلقاَ أحد عينيه
عدنان : تعرف هاليومين تكثر مواعيدي
ادار رأسة سلطان وهو يأخذ نفساَ لئلى يغضب
فعدنان ومواعيده مع الفتيات لاتعجبة .. والذي لايعجبة اكثر هو صراحته الا متناهيه
قال عدنان وهو يقترب من أخيه ويحرك بأصبعه .. فم سلطان الصغير
عدنان : اخوي الصغير غضبان وش هالتكشيرة الشينه دحين بازعل عليك
قال سلطان وهو يبعد يد أخيه ..
سلطان : أولاَ كل اللي بيننا سنتين والله اني اكبر عقل منك
ثانياَ لاتقول دحين .. تعرف ابوي مايحب نترك لغتنا النجدية
انتبه سلطان لعدنان وهو يتوجهه للغرفة وهو يقول
عدنان : ابوي الله يرحمة ماهو جايب خبر لالهجتنا ولا عيشتنا .. خلها على الله
أخذ نفساَ طويلاَ سلطان وهو يقلب في صحن البيض
ويفكر في أبيه وأمه ..
كلهم قد ذهبوا الى رحمة الله وبقوا هم الأربعة فقط يواجهون هذه الحياة
ذهب وترك عليهم عدة ديون صغيرة ..
ولكن بالنسبة لهم كبيرة .. حالتهم جدا سيئة
وجميعهم يسعون فقط ليجدوا اكل يومهم .. ولتسديد ديون ابيهم ..
وضع البيض في أحد الصحون القديمة الطراز
واغلق النار عن قدر الفول الذي بدا باظهار الفقاعات
وضع الفول في عدة صحون ووضع باقي المؤكلات
الثانوية من جبن ومربى ومالى ذلك في صحن كبير
توجهه الى الصالة ووضع الصحن على الأرض وبدأ بمنادة اخوته الثلاثة
سلطان : خالد عدنان زياد تعالوا يالله
سمع صوت عدنان وهو يرد عليه بجملة
عدنان : طيب يما جينا
ابتسم لتلك الكلمة فهو حقا يشعر انه المسؤل عنهم
اي نعم هو يصغر خالد بثلاث سنين وعدنان بسنتين ولكن
منذو الصغر وكل المسؤلية تصب عليه وحتى والده
كان متعلقاَ به اكثر من اخوته
بعد عدة دقائق اجتمع الاخوة حول السفرة وبدأت الأحاديث المتنوعة تأخذ مسيرها
خالد : زياد ياخي اترك هالكتاب مانتب ساقط لو خليته كم دقيقة
انتبهوا لزياد الذي يصغرهم جميعا بالسن وهو يقول غير مبالياَ لهم
زياد : موب نافعتني الا الدراسة
ورفع رأسة وهو يقول .. باتسامة باهته ..
زياد : وش تبين اصير ..
نظر الى خالد وهو يقول
زياد : سائق تاكسي .!
واكمل حديثة وهو ينظر الى سلطان
سلطان : أم مدرس خصوصي .!
واكمل وهو يبتسم ابتسامة صفراء لعدنان
عدنان : ولا أخبي بنات الناس تصرف علي واعطيهن من هالرخيص
انا بطلع ان شاءالله طبيب وبـ
انتبه لأخوته يكملون احاديثهم غير عابئين به
فقد اعتادوا منه مثل هذه الكلمات
ولما يباالوا اصلا فهو مجرد فتى لم يتعدى سن
السابعة عشر متغطرس لدرجة الجنون
خالد : ونزلته بعيد عن الحرم وانا العن
واشتم مادري وش يفكر فيه
عدنان : ههههههههه ياخي تحمل وراك انت
عصبي كذا قطعت مشوار على الفاضي
خالد : قهرني .. حتى انسدت نفسي ورجعت
على جدة قلت العن ابو من يشتغل لكم
قال سلطان بهدوء ..
سلطان : الفلوس تجي لك مو لغيرك ..
كان مسكت اعصابك ياخي ..
قال خالد وهو يضحك بصوت عالي وينظر الى عدنان قائلاَ
خالد : طيب يما ولا يهمك أبمسك أعصابي ..
عدنان : هههههههههه تدري وش المشكلة
أن سلطان متقبل كلمة يما بكل رحابة صدر
ابتسم سلطان قائلاَ ...
سلطان : وانا اجي ربع ربعه ..
خالد : ايه عدنان وش أهدتك المزيونة اليوم
اخرج عدنان من جيبة جوالاَ جديداَ واشر بحاجبية وهو يقول
عدنان : اليوم جايني طازة لقيت لكم وحدة خبلة ولا مسميتني
النجدي مالي اسبوع معها واهدتني هالجوال
يسوي الفين وشوي ..
وأخرج ضحكة صغير وخالد يتناول الجوال من يده مكملاَ كلامه
عدنان : أنا مادري وين أهلهن عنهن بس
وش علي انا اهم شيء يصرفن علي
زياد : طبعا هالجوال راح تهديه خويتك الثانية
عدنان : هالمصري فاهمني هههههههههه
سلطان : عدنان حبيبي ماتخاف الله يشوه وجهك
الحلو .. طيب لو لي شان عندك خل عنك اللعب ..
ليش ماتحاول تشغل وقت فراغك بشيء ينفعك ..
نهض عدنان وهو يضحك قائلاَ
عدنان : بدت امنا تلقي خطبته ..
أنا هالطريق عاجبن ماعندي أستعداد أكرف زيك وزي هالبخيل اللي بجنبي
قال خالد وهو يضع الخبز في فمه بقل أهتمام
خالد : لو سمحت هالبخيل لو بغيت ريـال لقيته عنده
في نفس الوقت نهض زياد وهو يردد جملة في الكتاب الذي في يده ..
زياد : ثاني اكسيد الكربون..
وتفرقوا اللأربعة وكلن بدأ بالأندماج في عالمه
خالد بدأ بالتفكير اين سيذهب غدا وكم من المال سيصرف
وعدنان بنظر الى وجهه في المرآة ليزيل شعرة قد شوهت منظر شنبه الخفيف
وسلطان منشغل بالكل ..وماذا يريدون وينسى غالباَ نفسة
وزياد .. لازال ممسكا بالكتاب ولكنه يردد هذه المرة نص شعر لمادة الأدب ..
.
.
بعد عدة أيام ..
كان عدنان جالساَ بصحبة أحد الفتيات في أحد المطاعم الفخمة
عدنان : حبيبتي والله ماتوقعتك كذا حلوة
الفتاة : تسلم والله انت والله بعد ماتوقعتك كذا ..
عدنان : يالله ياحلوة اليوم يومك وش تبين .!
قالت الفتاة بوجه محمر وضحكة تتصنع البرائة ..
الفتاة : امم بشوف المنيو .. ولا أقول أطلب لي على كيفك
ابتسم عدنان وطلب من الجرسون الذي يقف فوقهم عدة اكلات .. وبدأ بالحديث معها
فهو قد مر في هذا الموقف عدة مرات .. بل يكاد يعرف ماذا سيحدث ..
بعد الأنتهاء من الأكل ..
عدنان وهو ينادي الجرسون
عدنان : لو سمحت الفاتورة
اتى الجرسون وناولهم الفاتورة ..
وضع عدنان بطاقته الصغيرة بوسطها وانتبه للجرسون يقول له
الجرسون : لو سمحت .. لانقبل الا الكاش هنا
عدنان : صدق .. دايم ادفع لكم بطاقة ..
انتبه لأبتسامة الجرسون وهو يقول ..
الجرسون : الغينا البطاقة
سمع صوت الفتاة تقول ..
الفتاة : خلاص عدنان انا ادفع مو مشكلة
عدنان : بس ياسهى شوي بروح اسحب واجي
سهى : لا لا وش دعوة مافيها شيء
ناولت الجرسون المال وابتعد الجرسون صامتاَ
ونهضت سهى بصحبة عدنان متوجهين للخروج
وابتسامة تعلو وجه عدنان ..
ركبت سهى في سيارته الفاهره والتي كان يستأجرها باليومي
أستأذن منها عدنان لعدة دقائق متعللأ انه نسي اخذ بطاقته
في داخل المطعم..
عدنان وهو يضع يده على كتف الجرسون
عدنان : حبيب قلبي ايدك على باقي الحساب وبطاقتي ..
ابتسم الجرسون وهو يمد لعدنان بعض من المال وبطاقته الصغيرة
فهو صديق عدنان في المطعم وماقابلهم قبل فترة هي تمثيلية يفعلونها دائما..
لصديقات عدنان ..
حيث ان الحساب المذكور اكثر من الحقيقي .. والبطاقة اصلا لاتحتوي ريـالاَ واحدا
تناول عدنان فئة الخمسين والتي كانت نصيبة لهذا اليوم
وتوجهه الى السيارة ليكمل سهرته اليوميه..
.
.
في آخر الليل ..
في الغرفة الجانبية للمنزل الصغير كان عدنان قابعاَ على السرير بصورة غير مرتبه
والأفكار تدور في رأسة ..
وهو يكتب رسالة غرام في جواله ليرسلها لأحد فتياته ..
.
.
بعد عدة دقائق انتبه لدخول زياد وهو يفتح أنوار الغرفة
وبدأت اصوات خالد وسلطان بالهمهمة
خالد : زياادوه خلني انام وراي كرف بكرا
زياد : طيب لاتنفخون بس ابي مثلث .. مالقاه عندكم
سلطان : باحبيبي شايفنا ندرس .! .. قلم مانت لاقي عندنا
زياد : طيب عندي مسألة وتحتاج مثلث
قال عدنان وهو يضع المخدة على وجهه ..
عدنان : ياالمصري هو وقت حل رح نم ..
وحله بالفصل خلنا ننام
وخرج زياد وهو لايسمع الا همهمة أخوته ..
توجهه الى غرفته الصغيرة والتي يقطن فيها لوحدة لأنه غالباَ
لاينام الليل فهو يعشق الدراسة في الليل
ويعتبر الليل ملاذه ..
جلس على الأرض ورشف قليلاَ من كوب الشاهي الذي يقبع أمامه.
وقرر أن يكمل حل المسألة في الفصل .. فلا توجد مكتبه في هذا الوقت ..
وبدأ بمراجعة مااخذوه في الاسابيع الماضيية ..
فهو لن يرضى ان يكون الثاني.. الأول لن يكون الا من نصيبه ..
بعد عدة دقائق انتبه لدخول سلطان ..
ابتسم زياد فور رؤيته لأخيه.. فهو يعرف ان سلطان وقلبه الكبير
لايريد ان يحتاج شخص في البيت شيئا ولايلبي الطلب له
قال سلطان وهو يدخل يده يشعره البني المجعد وابتسامة
باهته مرسومة على الوجهه المليء بالنوم..
سلطان : زياد لقيت مثلث.!
جاوبه زياد وهو ينهض
زياد : أيه سلطان لاتحط ببالك ..
سلطان : صدق .. وين لقيته .!
زياد : لقيته بين اغراضي ..
وتقدم منه وهو يضع يده على كتفه
زياد : رح نم بكرا موعدك بالمدرسة الأهلية ان شاءالله
يقبلون أنك تتوظف عندهم لاتصيرين نسيتي يما ..
وضحك ضحكة صغيرة ..
قال سلطان وهو يتثاوب متجها الى غرفة النوم
سلطان : لامانسيت بس قلت اجي ادور معاك المثلث ..
واغلق الباب وهو يقول ..
سلطان : يالله أجل تصبح على خبر
قال زياد وهو يجلس بين كتبه
زياد : بأمان الله ..
اخذ نفسا عميقا .. وفكر قليلا بحياتهم ..
تبدو للغُرب بسيطة .. لكنها في الحقيقة شديدة التعقيد..
فهم يعتمدون على بعضهم البعض وهذا صعب قليلاَ لايوجد اب او ام
يعتمدون عليه او حتى جد او عم هم الأربعة فقط..
كل شخص من هذه العائلى اذا بطئ قليلاَ سواء في عمله او تفانيه ..
قد يتزلزل البيت .. خالد يسعى دائما لكسب المال ..
صحيح انه بخيل والريال لايخرج الا بصعوبة
ولكنه الراس المدبر للمال .. سلطان .. سلطان يسعى ان يكون
البيت بأمان يسعى لحل المشاكل .. وينظر ماذا يريد الكل
عدنان .. هو الجو اللطيف بالبيت دائما مبتسم ومتفاخر بنفسة .. ومعجب بجمال شكله ..
يعمل الكثير من الخطاء .. لكن
لوتجلس بصحبته بضع دقائق معه ستشعر ان حياته هي الصح بعينه ..
قد تكون منزلتي الأقل .. ولكني سأنفعهم فيمما بعد
فانا ساكون ناجحا وشخصا جادا .. ويكفي وجودي بينهم .. وابتسم لغروروة ..
بعد بضع دقائق انب نفسه انه ضيع بضع دقائق من التفكير
العقيم الذي لو درس في نفس الوقت بضع حروف كان قد استفاد اكثر ..
.
.
في الغد توجهه سلطان الى المدرسة الأهلية التي أخذ موعداَ معها قبل عدة
أيام ليكون مدرس لغة عربية في المرحلة المتوسطة
التي تقع في أحد أحياء جدة المتوسطة المستوى..
القى السلام سلطان على المدير وتكلم معه قليلاَ ثم بدا بالسير معه ليريه الفصول التي سيدرسها
كانت عدة فصول .. والطلاب ليسو قليلا لكن ليسو ايضاَ كثيرين ..
عرفه على المعلمين وبعد عدة ساعات كان متوجهاَ الى منزله ..
في الطريق في سيارته القديمة الطراز والتي يبدو ان الزمن قد لعب بها كثيراَ
كان يفكر فيما حصل .. الراتب فقط 1800 ريـال والحصص كثيرة ..
هل يوافق عليها .. وهل لديه الفرصة بالموافقة ام لا ..
يجب ان يذهب حتى لو كان 500 هم محتاجون للريـال كثيرا.. هذه الايام ..
تأمل مايحيط به .. المطاعم والشاليهات والبحر والأشخاص.. الكل يبدو في حال جيدة
لما هو يشعر باليأس يعرف ان المال لايهمة ..
مايدور في فكرة هو مايؤرقة .. لكن ماذا يفعل .!
لايوجد اي شيء يستطيع فعله .؟!
اخذ نقسا عميقا ورسم ابتسامة على وجهه .. يجب ان لايكون حزيناَ
ابيه دوما كان يحثه على الأبتسامة .. فهي كما يقول سر الحياة ..
توقف عند أحد المحلات الصغيرة واشترى خبزا ولبن وأكمل طريقه الى
البيت مع كل تلك الأفكار البسيطة التي تدور في رأسة ..
انتبه لرنين جواله..وجملة
"فهد يتصل بك" ..
ضغط على الزر الاخضر وبدأ بالحديث
سلطان : ارحب فهد .. اخبارك ياخلفهم
فهد : هلا بسلطان .. تمام ياقلبي انت كيفك .. وينك لي كم يوم ماشفتك
سلطان : انشغلت شوي اخبارك واخبار الربع .. ماتبون نجتمع اليوم
فهد : نجتمع وماله .. مكاننا المعتاد نستناك هناك .. جب معك عدنان وخالد
سلطان : بقولهم ان شاءالله بس اهم شيء جاسم وعبدالله وعبداللطيف يجون تراي ولهان عليهم
فهد : هم اكثر والله أحد مايشتاق لسلطان .. ننتظرك لاتتأخر
سلطان : عندي درس الساعة 6 المغرب ان شاءالله اول مايطلع مني الطالب اجيكم
فهد : خلاص يااستاذ ننتظرك
اغلق سلطان باب منزله فور أغلاقه الهاتف .. وتوجهه الى الغرفه لتبديل ملابسه..
فتح دالوبه والذي كان لايحتوي الا على عدة قمصان فاتحة اللون
وبضع بناطيل جنز .. موضوعة بشكل غير مرتب
خلع ثوبه الرسمي وعلقه في الدالوب وتناول الفوطة البيضاء ..
وضع الفوطة على خصرة بعد أن خلع ملابسة وتوجهه الى المغسلة
ليحلق شنبه ويزيل بضع شعيرات على طرف خده
بعد عدة دقائق من وقوفه امام المرآة انتبه لزياد يدخل المنزل
سلطان بابتسامة والصابون على ذقنه
سلطان :أهلن ابو عزيز .. اخبار المدرسة
جاوبه زياد وهو متوجها الى الغرفة بابتسامة باهته .. ويبدو التعب قد أهلكه
زياد : تمام تسلم عليك .. اعذرن النوم وصل حده معي ..
سلطان : كل لك شيء قبل لاتنام
ولم يسمع الا صوت باب الغرفة يغلق ..
اكمل سلطان حلاقة ذقنه وهو يدندن باغنية لفيروز
نسم علينا نسم علينا الهوا من مفرق الوادي
غسل الصابون الى على ذقنه وهو يكمل
يا هوا دخل الهوا خدني على بلادي ..
يا هوا يا هوا يللي طاير بالهوا في منتورة طاقة
فجأة انتبه ليدين ناعمتين على خصرة
وادار راسة للخلف مسرعاَ وهو يقول
سلطان : وجع عدنانوه .. وش هالحركة البايخة
قال عدنان وهو يضحك بصوت عالي
عدنان : هههههههههه ههههههههه شكلك خطير
مندمج فيروز جدة بالغناء ومانتبهت لي
سلطان : انت جاي من برا ماسمعت صوت الباب
قال عدنان وهو يتثاءب متوجها الى التلفاز
عدنان : وش يطلعن هالوقت الناس مدارس كنت نايم وقمت على صوت المزيون ...
جلس على الكنبه المتوسطة الصالة وقال
عدنان : جوعان في شيء يوكل
مسح سلطان الماء من على وجهه وقال
سلطان : حبيبي شف الثلاجة بدخل اخذ لي حمام .. اذا كنت مشتهي شيء دسم لاطلعت اسوي لك
عدنان : لا يما ماتقصرين .. باكل لي اي شيء باتعشى شين دسم .. الله يخلي لي هالبنات
انتبه عدنان لسلطان يدخل دورة المياء ويغلق الباب بقوة
وابتسم .. يعرف ان سلطان يستاء منه ومن تصرفاته .. ولكنه لم يتعود أن يكذب عليهم أو يدعي الطهاره
هو هكذا .. ويجب ان يرضو به كما هو
قلب قنوات التفاز ثم اتجه الى المطبخ الصغير ليعمل شيء ليأكله ..
انتبه للباب يرن ..
توجهه اليه وبعد ان فتح الباب رأى من خلفه فتاة تبدو في السادسة عشر من عمرها
تضع فقط طرحة تكسوها العديد من الزخارف على شعرها
ابتسم فور رؤيته لها قائلاَ
عدنان : هلا بسارة ..
ابتسمت سارة بخجل فهي لاتتحمل نظرات عدنان الحارة لها ..
سارة وهي تنازله قدرا متوسط الحجم
سارة : أمي عملت لكم رز ولحم .. ان شاء الله يعجبكم..
وابتسمت وهي تبتعد قائلة ..
سارة : مع السلامة
ابتسم عدنان وهو يراها تبتعد .. تلك النظرة في عينها يعرفها جيداَ..هي معجبة به لامحاله
ولكن تهديد سلطان له ان لايقترب منها.. هو مايجعله متردد باللعب عليها ..
فسلطان محق والدتها دائما ترسل لهم الأكل وتهتم بننظيف البيت ..
غير لائق ان اقابل الحسنة بالاسائة
اغلق الباب وفتح غطاء القدر وهو يشتم الأكل باستمتاع
عدنان : اتى في وقته ... منذو زمن لم اذق اكل بيت ..
على بعد مئتا كيلو متر او أكثر قليلاَ
كان خالد متجهاَ الى الحرم بصحبة احد الزوار النجديين
الزائر : ماشاء الله الأخ سعودي
خالد بابتسامة باهته من هذا السؤال الذي يَسئل في اليوم عدة مرات
خالد : ايه والله ..
الزائر : حلو والله يعجبني الشاب المكافح
ابتسم خالد له ولم يجاوبه
بعد عدة دقائق
الزائر : انت أصلك من الحجاز اشباهك فيها من اهل نجد
خالد : انا نجدي بس مولود هنا ..
تعرف من يسكن الحجاز يتعلق فيها
الزائر : صحيح .. اقدر اسئلك من اي عائلة انت .. مشبهك على واحد ..
ابتسم خالد فهو يعرف انه يكذب ولكنه يريد ان يعرف عائلته فقط .. من باب الفضول
خالد : معك خالد ال..
الزائر : ماشاء الله انت من عائلة .. والله العائلة معروفة بنجد .. غريبة انتم ساكنين هنا
خالد : مادري ابوي من طلعنا على الدنيا وهو ساكن بجدة ..
ماجاب خبر انه لنا اقارب بالرياض .. اكيد بس تشابه اسماء
الزائر : التاجر المعروف صالح ال.. الي توفي قبل فترة ..
يقرب لكم
خالد بضيق نفس
خالد : لاوالله اول مرة اسمع فيه ..
وفتح المسجل لكي يعلن للزائر ان يتوقف عن الأسئلة ..
.
.
نزل الزائر عند أحد الفنادق القريبة من الحرم واخذ خالد اجرته
وتوجهه الى المطار مرة اخرى لكي يحصل على راكب آخر ..
وهكذا حتى انتهى اليوم ..
.
.
في نهاية اليوم تقريباَ في الساعة الثامنه مساء
كان خالد يدخل المنزل وهو يرى ولدا يبدو في الثانية عشر يخرج من الباب ..
ابتسم له قائلاَ
خالد : اهلين عمر .. اخبارك لي مدة ماشفتك
ابتسم عمر وهو يخرج
عمر: فرصة سعيدة اني شفتك .. عذرا ابوي واقف تحت .. مع السلامة
ونزل من الدرج القديم مسرعاَ..
اغلق الباب خالد ورأى سلطان يلملم اوراقه
خالد : بقى لك احد تدرسه .؟
سلطان : لا ماعندي الا عمر اليوم .. ابشرك قبلون بمدرسة ال..
خالد : صحيح الله يبشرك بالخير .. كم راتبك
عقد حاجبيه سلطان وهو يقول
سلطان : 1800 بس ماعليش ولا اقعد بالبيت
خالد : صح .. يالله بدخل اغير وارتاح شوي واكمل مشاويري بس بجدة منيب طالع على مكة
سلطان : فهد يبي يجتمع مع الربع بالشاليهات .. ليش ماتخاوينا سئل عنك تراه
خالد : فهد وربعة ضامنين الريال موب مثلنا .. يالله اخليك..
دخل خالد الغرفة واستلقى بملابسة وهو يشعر بالتعب ..
.
.
بعد عدة أيام ..
ككان خالد متوجها الى مكة في الساعة العاشرة صباحاَ
وصوت محمد عبده يرن في السيارة ..
فجأة انتبه لرنين جواله .. ورأى الرقم غريباَ عليه
ضغط على الزر الاخضر بعد ان اغلق المسجل
خالد : نعم
المتحدث : مرحبا .. أخ خالد معي .؟
خالد : نعم معك خالد
المتحدث : مرحبا .. معك محمد محمد عبدالله ال.. الوصي على ثروة عمك صالح خالد ال..
خالد بدهشة ارتسمت على وجهه وهو يتذكر من هذا العم الذي عرف به في التو .!؟
خالد : نعم .. عمي .!؟